خرجت السويد من انتخابات الأحد الماضي كجزء من الوضع العادي الجديد للحياة السياسية الأوروبية، ذلك أن ما رأيناه في نتيجة الانتخابات كان منسجماً عموماً مع الاتجاهات التي رأيناها عبر أوروبا خلال السنوات القليلة الماضية. واللافت أكثر هو أن «الديمقراطيين الاجتماعيين» حصلوا على 28 في المئة من الأصوات، ضمن أسوأ نتيجة يحققونها في الانتخابات منذ 1908، ما ينسجم مع تراجع عام لقوة سياسية كانت ذات يوم من بين الأقوى عبر أوروبا. وعلى سبيل المقارنة، فعندما فقد الحزب السلطة في السويد في 1976، بعد أن حكم البلاد لأربعة عقود، حصل على 43 في المئة من الأصوات، واليوم، سجّل أكثر من نصف هذا الرقم بقليل.
منافسه الرئيس خلال الأربعة عقود الماضي، «الحزب المعتدل» سجّل نتائج سيئة. وعلى الرغم من أن الحزبين أبليا بلاء أفضل مما توقعته استطلاعات الرأي، إلا أن عهد هيمنة الأحزاب التقليدية الكبيرة على المشهد السياسي السويدي قد ولى. فاليوم، هناك قوى جديدة صاعدة في المشهد السياسي السويدي الذي يزداد انقساماً، إذ يواصل حزب «ديمقراطيو السويد» اليميني القومي تقدمه، ما يثير امتعاض الكثيرين. ولكن على الرغم من أن صعود الحزب كان مبهراً، إلا أن مكاسبه كانت دون ما كان متوقعاً، وديمقراطيو السويد ما زالوا ثالثَ أكبر حزب فقط.
ومما لا شك فيه أن الصعود المتواصل لديمقراطيي السويد استفاد من أزمة اللاجئين الكبيرة لسنة 2015، عندما توجه نحو مليون من اللاجئين اليائسين من كارثة سوريا إلى أوروبا، وكانت ألمانيا والسويد وجهتيهم المفضلتين. ولكن التدابير التي اتُّخذت منذ ذلك الوقت، من قبل الاتحاد الأوروبي بشكل رئيس، قلّصت بشكل مهم عدد اللاجئين الذي انخفض إلى مستويات لم ير لها مثيل منذ سنوات.
والتحدي الآن، الذي لعب دوراً كبيراً في الحملة الانتخابية، هو كيفية إدماج الوافدين الجدد في الاقتصاد والمجتمع. والواقع أنه سبق القيام بهذا الأمر في السويد، خاصة مع التدفق الهائل للاجئين بعد حروب البلقان، غير أنه سيكون أكثر صعوبة هذه المرة، بالنظر إلى أن أعداد اللاجئين أكبر ومستوياتهم التعليمية أقل. والحال أن النقابات ومصالح أخرى تبدو مترددة في إرخاء قواعد سوق العمالة وزيادة مرونة الأجور، وهي تكتيكات يعتبرها معظم الخبراء ضرورية من أجل مواجهة التحدي الجديد.
وباستثناء موضوع الهجرة واللاجئين، فإن العالم كان غائباً إلى حد كبير في النقاش الذي احتدم خلال الانتخابات السويدية. فهناك إجماع حول الحاجة إلى زيادة الإنفاق على الدفاع، برغم أن ثمة خلافاً بشأن حجمه ووتيرته. كما أن الحملة الانتخابية لحزب ديمقراطيي السويد اليميني تأثرت بسبب عدائهم للاتحاد الأوروبي. ذلك أن الأغلبية لا ترغب في تكرار الفوضى التي خلقتها بريطانيا لنفسها.
الأسبوعان اللذان يفصلاننا عن الاجتماع المقبل للبرلمان المرتقب في الرابع والعشرين من سبتمبر من المحتمل أن يأتيا بمناورات سياسية مكثفة بخصوص تشكيل الحكومة المقبلة، ولكن في نهاية المطاف، سيتعين على حكومة رئيس الوزراء «ستيفان لوفن» الحالية أن تتنحى، ومن المرجح أن تخرج حكومة جديدة من «يمين الوسط» المسمى «التحالف». ولكن الشيء الوحيد المؤكد، في الوقت الراهن، أن لا أحد سيكون مستعداً للذهاب إلى محادثات حول تشكيل حكومة مع حزب «ديمقراطيي السويد». وخلاصة الحديث أن الزلزال الذي كان يخشاه كثيرون في تحول «ديمقراطيي السويد» إلى أكبر أو ثاني أكبر حزب سياسي في البلاد لم يحدث. وعلى الرغم من أن تشكيل حكومة جديدة سيستغرق وقتاً، إلا أن البلاد تظل هي نفسها عموماً – وإنْ كان الحكم سيصبح أكثر صعوبة.
منافسه الرئيس خلال الأربعة عقود الماضي، «الحزب المعتدل» سجّل نتائج سيئة. وعلى الرغم من أن الحزبين أبليا بلاء أفضل مما توقعته استطلاعات الرأي، إلا أن عهد هيمنة الأحزاب التقليدية الكبيرة على المشهد السياسي السويدي قد ولى. فاليوم، هناك قوى جديدة صاعدة في المشهد السياسي السويدي الذي يزداد انقساماً، إذ يواصل حزب «ديمقراطيو السويد» اليميني القومي تقدمه، ما يثير امتعاض الكثيرين. ولكن على الرغم من أن صعود الحزب كان مبهراً، إلا أن مكاسبه كانت دون ما كان متوقعاً، وديمقراطيو السويد ما زالوا ثالثَ أكبر حزب فقط.
ومما لا شك فيه أن الصعود المتواصل لديمقراطيي السويد استفاد من أزمة اللاجئين الكبيرة لسنة 2015، عندما توجه نحو مليون من اللاجئين اليائسين من كارثة سوريا إلى أوروبا، وكانت ألمانيا والسويد وجهتيهم المفضلتين. ولكن التدابير التي اتُّخذت منذ ذلك الوقت، من قبل الاتحاد الأوروبي بشكل رئيس، قلّصت بشكل مهم عدد اللاجئين الذي انخفض إلى مستويات لم ير لها مثيل منذ سنوات.
والتحدي الآن، الذي لعب دوراً كبيراً في الحملة الانتخابية، هو كيفية إدماج الوافدين الجدد في الاقتصاد والمجتمع. والواقع أنه سبق القيام بهذا الأمر في السويد، خاصة مع التدفق الهائل للاجئين بعد حروب البلقان، غير أنه سيكون أكثر صعوبة هذه المرة، بالنظر إلى أن أعداد اللاجئين أكبر ومستوياتهم التعليمية أقل. والحال أن النقابات ومصالح أخرى تبدو مترددة في إرخاء قواعد سوق العمالة وزيادة مرونة الأجور، وهي تكتيكات يعتبرها معظم الخبراء ضرورية من أجل مواجهة التحدي الجديد.
وباستثناء موضوع الهجرة واللاجئين، فإن العالم كان غائباً إلى حد كبير في النقاش الذي احتدم خلال الانتخابات السويدية. فهناك إجماع حول الحاجة إلى زيادة الإنفاق على الدفاع، برغم أن ثمة خلافاً بشأن حجمه ووتيرته. كما أن الحملة الانتخابية لحزب ديمقراطيي السويد اليميني تأثرت بسبب عدائهم للاتحاد الأوروبي. ذلك أن الأغلبية لا ترغب في تكرار الفوضى التي خلقتها بريطانيا لنفسها.
الأسبوعان اللذان يفصلاننا عن الاجتماع المقبل للبرلمان المرتقب في الرابع والعشرين من سبتمبر من المحتمل أن يأتيا بمناورات سياسية مكثفة بخصوص تشكيل الحكومة المقبلة، ولكن في نهاية المطاف، سيتعين على حكومة رئيس الوزراء «ستيفان لوفن» الحالية أن تتنحى، ومن المرجح أن تخرج حكومة جديدة من «يمين الوسط» المسمى «التحالف». ولكن الشيء الوحيد المؤكد، في الوقت الراهن، أن لا أحد سيكون مستعداً للذهاب إلى محادثات حول تشكيل حكومة مع حزب «ديمقراطيي السويد». وخلاصة الحديث أن الزلزال الذي كان يخشاه كثيرون في تحول «ديمقراطيي السويد» إلى أكبر أو ثاني أكبر حزب سياسي في البلاد لم يحدث. وعلى الرغم من أن تشكيل حكومة جديدة سيستغرق وقتاً، إلا أن البلاد تظل هي نفسها عموماً – وإنْ كان الحكم سيصبح أكثر صعوبة.
كارل بيلت
رئيس وزراء السويد السابق
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»